الجمعة، 21 أبريل 2017

مقدمه

 بسم الله الرحمن الرحيم

حين نتحدث عن سليمان – عليه السلام – ، فإننا نستحضر صفات أعظم سلطان على وجه البسيطة
إننا وفي تأملنا لدعوة هذا النبي الكريم ، نلمس اتقاد الهمة وطموح النفس ، وعدل وتواضع وحكمة هاذا النبي، وعزيمة بلغت شأوا عظيما

 كيف لا وقد تربى وتدرب في كنف أمير عظيم محنك فذ . .             ( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ )
وفي هاذة المدونة تطرقنا الى بعض صفات واخلاق نبي الله سليمان علية السلام
      

معلومة 
  اسم نبي الله 
  سليمان بالعبريه 
      ( שְׁלֹמֹה شلومو )         

اعداد:اسيا عبدالاله الهلالي

الفطنه

∷ ‏‫الفطنه



صفة الفطانة في النبي سليمان عليهـ السلام 
النبوة تشريفٌ سامٍ، وتكليفٌ شاقٌّ ومرموقٌ، ومنزلةٌ كُبرى، وفضلٌ عظيم يهبه الله تعالى لمن ارتضاهم من عباده فالفطنة هي ذكاء العقل وسرعة الإدراك وقوّة البديهة والحجة، فالرّسل أرسلوا ليحاججوا الناس ولإرشادهم إلى الطريق المستقيم، وذلك لا يقع إلا من خلال حواراتٍ ومناظراتٍ لإبطال الباطل وبيان عواره للناس، وإقامة الحجّة على الكفار .

لايوجد انسان يستطيع أن يقود إلا أن يكون على مستوى عالٍ من الذكاء ، ولو ان الانسان محدود لايستطيع أن يقود نفسه قبل أن يقود الآخرين ، أي يكون له تأثير على الآخرين بإمكانات محدودة وهذا شيء مستحيل 
 أي ماكان الله عزوجل ليرسل رسولاً إلى خلقه لايتصف بالفطانة  ، فالفطانة صفة لازمه في الإنبياء ومادام الله سبحانه وتعالى قد اصطفاهم ، ومادام الله سبحانه وتعالى قد كلفهم في تبليغ رسالته ، وبما أن الله سبحانه وتعالى قد كلفهم بنشر دينه فلا بد أن يعطيهم مع هذا التكليف مايعينهم على نشر الرسالة 
فتختلف  الفطنة الموهوبه من الله يؤتيها من يشاء من عباده . 

و بين الفطنة مكتسبة تجريبية تتحصل للمرء باجتهاده، وكثرة تجاربه، ومعاشرته لأهل العلم والذَّكاء والاستفادة منهم 
في الأمثال والحِكَم
- قال معاوية رضي الله عنه: (العقل مِكْيالٌ، ثلثه فِطْنَةٌ، وثُلثاه تغافلٌ) .
ف صفة الفطانة  تدلُّ العبد على حكم الله
وتدعوهـ إلى فعل صنائع المعروف، وتقديم الفضل إلى محتاجيه .

فهناك الوسائل المعينة على اكتساب الفِطْنَة
1- الإيمان
2- إعمال الفكر ومحاولة الفهم
4- محاسبة النفس

كان يتسم نبي الله سليمان عليه السلام  بالفطانة والذكاء وحسن التدبير والسياسة، وقد منحه الله تبارك وتعالى منذ صباه الذكاء والحكمة وحسن القضاء، فقد كان أبوه في أيام ملكه يشاوره في أموره مع حداثة سنه لحكمته وفطانته. 
 والحكمة: هو القدرة على أن يصدر أحكاما صائبة على الأمور والقضاء بين الناس بما أراه الله من الحق والعدل)، قال تعالى في سورة الأنبياء: ﴿ ففهمناها سليمان وَكلا آَتينا حكما وعلما ﴾. أي أن الله كما أعطى لداود ﴿ حكما وعلما ﴾ أعطى لسليمان مثله وزاده فهماً.

 ومما يدل أيضًا على حكمة وفطانة نبي الله سليمان عليه السلام وجودة رأيه في الحكم والقضاء ما جاء في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “بينما امرأتان معهما ابناهما إذ عدا الذئب فأخذ ابن إحداهما فتنازعتا في الآخر، فقالت الكبرى: إنما ذهب بابنك، وقالت الصغرى: بل إنما ذهب بابنك، فتحاكمتا إلى داود فحكم به للكبرى فخرجتا على سليمان فقال: ائتوني بسكين أشقه بينكما نصفين لكل واحدة منكما نصفه فقالت الصغرى: لا تفعل يرحمك الله هو ابنها فقضى به لها” رواه البخاري ومسلم. ولما قال سيدنا سليمان عن الغلام: “أشقه” كان ذلك منه على وجه العرض والاستفهام وهو يعتقد أنها تقول “لا”، ويكفر من ظن أنه أمر بشقه نصفين.

قال ابن الجوزي: (أمَّا داود عليه السَّلام فرأى استواءهما في اليد، فقدم الكبرى لأجل السِّنِّ، وأما سليمان عليه السَّلام فرأى الأمر محتملًا، فاستنبط، فأَحْسَن، فكان أَحَدَّ فِطْنَةً من داود، وكلاهما حَكَم بالاجتهاد، لأنَّه لو كان داود حكم بالنَّص، لم يسع سليمان أن يحكم بخلافه، ولو كان ما حَكَم به نصًّا، لم يَخْفَ على داود.

وهذا الحديث يدل على أنَّ الفِطْنَة والفهم موهبة لا بمقدار السِّنِّ ) 
ومما يدل أيضًا على حكمة وفطانة نبي الله سليمان عليه السلام .. 
أراد سليمان أن يختبر ذكاء بلقيس بأن يظهر لها فضل الله عليه وملكه الذي لا ينبغي لأحد أن يملك مثله، بأن يحضر لها كرسي عرشها من مملكتها إلى مملكته ويجلسها فوقه، فقال لجنوده: (قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ)[النمل:38]، فأجاب عفريت من الجن: (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ)[النمل:39]، أي سيحضره في غضون ساعات
فقال الذي عنده علم من الكتاب لسليمان: (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ)[النمل:40]، أي في غضون ثواني قليلة ، فلما رأى سليمان العرش مستقرًا عنده لم يفرح بقدرته أو قدرة أعوانه وجنوده، ولكنه قال: (هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ * قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ * فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ)[النمل:40، 41،42]، وهذا سؤال عصيب استخدمه سليمان لقياس معدل ذكاء ملكة سبأ، فالعرش عرشها به أمارات قد ألفتها وعرفتها ولا تستطيع أن تنكرها رغم تغيير بعض العلامات، ولكن كيف يجيء العرش من اليمن إلى بلاد الشام وقد تركته هناك في حماية جنودها وشعبها؟ فإن أجابت نعم هذا هو عرشي كانت الإجابة غير صحيحة. لأن عرشها في اليمن وليس في القدس عند سليمان. وإن قالت لا كان ذكاؤها ضعيفًا أو محدودًا لأنها تفكر استنادًا لأفكار في رأسها دون أن تطرح هذه الأفكار 
للمناقشة مع هذا الواقع الجديد. فأجابت إجابة تنم عن فطنة وحكمة واسعة لا تثبت ولا تنفي، فقالت: (كَأَنَّهُ هُوَ).

ورغم رجاحة عقلها، إلا أنها كانت تحيا في بيئة فاسدة كافرة مظلمة، وهذا يدل على أن ذوي الألباب حين يأتيهم ضوء الهدى والإيمان فإنهم سرعان ما يهتدون به في حياتهم وسلوكهم، والعقل في حاجة إلى هداية ربه وإرشاده حتى يعقل ويحسن التصرف

أبتسام الحكيمي 

البكاء من خشية الله


البكاء من خشية الله



جاء في كتاب (الرقة والبكاء) ص72، لابن أبي الدنيا:
عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: أن داود عليه السلام كان يعظ الناس وبقية المخلوقات، وَسُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلامُ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ، قَالَ: فَيَأْخُذُ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي الثَّنَاءِ عَلَى رَبِّهِ، فَيَصِيحُونَ بِالْبُكَاءِ وَالصُّرَاخَ، ثُمَّ يَأْخُذُ فِي ذِكْرِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَتَمُوتُ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ، وَطَائِفَةٌ مِنَ السِّبَاعِ، وَطَائِفَةٌ مِنَ الْهَوَامِّ، وَطَائِفَةٌ مِنَ الْوُحُوشِ، وَطَائِفَةٌ مِنَ الرُّهْبَانِ وَالْعَذَارَى الْمُتَعَبِّدَاتِ، ثُمَّ يَأْخُذُ فِي ذِكْرِ الْمَوْتِ وَأَهْوَالِ الْقِيَامَةِ، وَيَأْخُذُ فِي النِّيَاحَةِ عَلَى نَفْسِهِ، قَالَ: فَتَمُوتُ طَائِفَةٌ مِنْ هَؤُلاءِ، وَطَائِفَةُ مِنْ هَؤُلاءِ، وَمِنْ كُلِّ صِنْفٍ طَائِفَةٌ، فَإِذَا رَأَى سُلَيْمَانُ مَا قَدْ كَثُرَ مِنَ الْمَوْتِ فِي كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ، نَادَى: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ فَرَّقْتَ الْمُسْتَمِعِينَ كُلَّ مُمَزَّقٍ، وَمَاتَتْ طَوَائِفُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمَنِ الْوُحُوشِ، وَالْهَوَامِّ، وَالسِّبَاعِ وَالرُّهْبَانِ.

قَالَ: فَيَقْطَعُ النِّيَاحَةَ وَيَأْخُذُ فِي الدُّعَاءِ.
قَالَ: فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ، إِذْ نَادَاهُ عُبَّادُ بَنِي إِسْرَائِيلَ: يَا دَاوُدُ عَجِلْتَ بِطَلَبِ الْجَزَاءِ عَلَى رَبِّكَ. قَالَ: فَخَرَّ دَاوُدُ عِنْدَ ذَلِكَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ.

قَالَ: فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ سُلَيْمَانُ وَمَا أَصَابَهُ، أَتَى بِسَرِيرٍ فَحَمَلَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيًا: مَنْ كَانَ لَهُ مَعَ دَاوُدَ حَمِيمٌ أَوْ قَرِيبٌ، فَلْيَأْتِ بِسَرِيرٍ فَلْيَحْمِلْهُ، فَإِنَّ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ دَاوُدَ قَدْ قَتَلَهُمْ ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ لَتَأْتِي بِالسَّرِيرِ، فَتَقِفُ عَلَى أَبِيهَا وَهُوَ مَيِّتٌ، فَتُنَادِي: وَا أَبَتَاهُ مَنْ قَتَلَهُ ذِكْرُ النَّارِ، وَا أَبَتَاهُ مَنْ قَتَلَهُ ذِكْرُ الْجَنَّةِ، وَا أَبَتَاهُ مَنْ قَتَلَهُ ذِكْرُ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.
قَالَ: حَتَّى إِنَّ الْوُحُوشَ لَتَجْتَمِعُ عَلَى مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَتَحْمِلُهُ، وَالسِّبَاعُ وَالْهَوَامُّ كَذَلِكَ.

قَالَ: وَيَتَفَرَّقُونَ، فَإِذَا أَفَاقَ دَاوُدُ مِنْ غَشْيَتِهِ نَادَى: يَا سُلَيْمَانُ مَا فَعَلَتْ عُبَّادُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فُلانٌ وَفُلانٌ؟ فَيَعُدُّ نَفَرًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَيَقُولُ سُلَيْمَانُ: مُوِّتُوا عَنْ آخِرِهِمْ، فَيَقُومُ دَاوُدُ فَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ يَدْخُلُ بَيْتَ عِبَادَتِهِ، وَيُغْلِقُ عَلَيْهِ بَابَهُ , ثُمَّ يُنَادِي: أَعَصْيَانٌ أَنْتَ عَلَى دَاوُدَ إِلَه دَاوُدَ؟ أَمْ كَيْفَ قَصَّرْتَ بِهِ أَنْ يَمُوتَ؟ خَوْفًا مِنْكَ؟ أَوْ فَرَقًا مِنْ نَارِكَ؟ أَوْ شَوْقًا إِلَى جَنَّتِكَ وَلِقَائِكَ؟ إِلَهَ دَاوُدَ، إِلَهَ دَاوُدَ، فَلا يَزَالُ كَذَلِكَ سَبْعًا يُنَادِي: إِلَهَ دَاوُدَ.

قَالَ: فَيَأْتِي سُلَيْمَانُ، فَيَقِفُ عَلَى بَابِ بَيْتِهِ فَيُنَادِي: يَا أَبَتِ أَتَأْذَنُ لِي فِي الدُّخُولِ عَلَيْكَ؟ فَيَأْذَنُ لَهُ، فَيَدْخُلُ وَمَعَهُ قُرْصٌ مِنْ شَعِيرٍ، فَيَقُولُ: يَا أَبَتَاهُ، تَقَوَّ عَلَى مَا تُرِيدُ، قَالَ: فَيَأْكُلُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَيَكُونُ بَيْنَهُمْ".






                                                                                    إعداد: خلود مقبول

الأربعاء، 19 أبريل 2017

العلم

 العلم 

معنى الصفه :


العلم هو الإدراك، ويتم ذلك بالاكتساب، فهو لا يولد مع الإنسان وإنما يكتسبه من خلال الإدراك، فإدراك الشيء هو الإحاطة بكل ما يخصّ هذا الشيء، فظهرت علوم عديدة منها علم الرياضيات، وعلم العلوم مثل الفيزياء، والكيمياء، والأحياء، وعلم الجغرافيا، والفلك، والبحار، والنباتات، وغيرها من العلوم الأخرى التي لا تعد ولا تحصى، والشخص الذي يختص بعلم ما ويبرع به في كافة مجالاته هو عالِم.




اثر الصفه على نبي الله سليمان: 

قال الله تعالى:{وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}سورة ص.
صفة العلم لسليمان أن الله وهبه علم شامل للإنس والجن والحيوانات وحتى الطير .

وآتاه الله العلم والحكمة وعلمه منطق الطير والحيوانات وسخر له الرياح والجن، وكان له قصة مع الهدهد حيث أخبره أن هناك مملكة باليمن يعبد أهلها الشمس من دون الله فبعث سليمان إلى ملكة سبأ يطلب منها الإيمان ولكنها أرسلت له الهدايا فطلب من الجن أن يأتوا بعرشها فلما جاءت ووجدت عرشها آمنت بالله وظهرت معجزات سليمان مباشرة.. يقول الله سبحانه وتعالى على لسانه:
‎وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)وسخر الله لسليمان –عليه السلام- أمرا آخر..

قال تعالى:
‎فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ
‎فكانت الريح تجري بأمر سليمان. لذلك كان يستخدمها سليمان في الحرب. فكان لديه بساطا خشبيا ضخم جدا، وكان يأمر الجيش بأن يركب على هذا الخشب، ويأمر الريح بأن ترفع البساط وتنقلهم للمكان المطلوب. فكان يصل في سرعة خارقة.
‎ومن نعم الله عليه، إسالة النحاس له. قال تعالى:
‎وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ
والقطر هو النحاس المذاب.. مثلما أنعم على والده داود بأن ألان له الحديد وعلمه كيف يصهره.. وقد استفاد سليمان من النحاس المذاب فائدة عظيمة في الحرب والسلم.

نختم هذه النعم بجيش سليمان عليه السلام. كان جيشه مكون من: البشر، والجن، والطيور. فكان يعرف لغتها. قال تعالى على لسانه:
‎عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ
.
وعِلم منطق الطير أوتيه سليمان من طريق الوحي بأن أطلعه الله على ما في تقاطيع وتخاليف صفير الطيور أو نعيقها من دلالة على ما في إدراكها وإرادتها . وفائدة هذا العلم أن الله جعله سبيلاً له يهتدي به إلى تعرف أحوال عالمية يسبق الطير إلى إدراكها بما أودع فيه من القُوى الكثيرة ، وللطير دلالة في تخاطب أجناسها واستدعاء أصنافها والإنباء بما حولها ما فيه عون على تدبير ملكه وسياسة أمته ، مثل استخدام نوع الهدهد في إبلاغ الأخبار وردها ونحو ذلك .

فالله تعالى اطلع سليمان بوحي على مختلف التقاطيع الصوتية التي في صفير الطير وأعلمه بأحوال نفوس الطير عندما تصفر بتلك التقاطيع ، وقد كان الناس في حيرة

والاقتصار على منطق الطير إيجاز لأنه إذا عَلِم منطق الطير وهي أبعد الحيوان عن الركون إلى الإنسان وأسرعها نفوراً منه ، علم أن منطق ما هو أكثر اختلاطاً بالإنسان حاصل له بالأحرى كما يدل عليه قوله تعالى فيما يأتي قريباً : { فتبسّم ضَاحكاً من قولها } [ النمل : 19 ] ، 
فتدل هذه الآية على أنه علِّم منطق كل صنف من أصناف الحيوان 
 عِلْمِ للغة النملِ أنه سمع نملة في وادي النمل تحذر قومها من أن يَحْطِمَهم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون.. لأن الإنسان لن يهتم بمثل هذه الحشرات، ولكن الله ذكر هذا الموقف الذي يعتبر موقفاً لا قيمة له ـ بالنسبة للإنسان العادي فما بالنا بمن له مثل ملك سليمان عليه السلام 




المراجع:
1- القرآن الكريم.
2- ( تفسير ابن كثير 4/45).
3- في ظلال القرآن من تفسير سورة النمل، وسورة ص وسورة سبأ.



والحمدالله رب العالمين .


الطالبه : بثينه حسين العبدلي .












الثلاثاء، 18 أبريل 2017

الرجوع الى الله


صفة الرجوع إلى الله


قد حفل القرآن الكريم بذِكر التوبة والاستغفار في آيات عديدة، وسور مختلفة، وبيان فضل الله - سبحانه - في قَبول توبة التائبين، ومغفرة ذنوب المستغفرين. ومنذ بدأ الخليقة قد أخطأ أبو البشر جميعًا آدم - عليه السلام - فعصى أمر ربه، بإغواءٍ من الشيطان الرجيم، ثم تاب وأناب، فاجتباه الله - تعالى - وتاب عليه.وهذا هو شأن كل البشر، يذنبون ساعة الغفلة والغواية، ثم يجدون باب رحمة الله أمامهم مفتوحًا لقبول توبتهم، فيستغفرون ويتوبون، فيَقبل الله - تعالى - منهم تلك التوبةَ؛ ليكبت الشيطان، ويرحم الإنسان.

ولم يخلوا أي بشر مخلوق من الابتلاء حتى الأنبياء ونحن بصدد التكلم عن صفة الرجوع الى الله عند النبي الأواب سليمان عليه السلام وقبل أن نستأنف في هذا الموضوع نوجز بشكل مبسط قصة هذ النبي العظيم فسليمان عليه السلام هو ابن النبي داود عليه السلام كان على نهج ابيه، نبي أتاه الله الملك والعلم والحكمة وعلمه منطق الطير والحيوانات وسخر له الرياح والجن، 
وكان له قصة مع الهدهد حيث أخبره أن هناك مملكة باليمن يعبد أهلها الشمس من دون الله فبعث سليمان إلى ملكة سبأ يطلب منها الإيمان ولكنها أرسلت له الهدايا فطلب من الجن أن يأتوا بعرشها فلما جاءت وجدت عرشها آمنت بالله، لكن رغم كل هذه النعم العظيمة والمنح الخاصة، فقد فتن الله تعالى سليمان عليه السلام و اختبره وامتحنه، 

والفتنة امتحان دائم، وكلما كان العبد عظيما كان امتحانه عظيما. وقد أشار القران الكريم إلى الفتنة التي تعرض لها سليمان –عليه السلام– بقوله تعالى " وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ ﴿٣٤﴾ واختلف المفسرون في فتنة سليمان عليه السلام واشهرها انه ابتلي بمرض شديد حار فيه أطباء الإنس والجن فتقبل ذلك الاختبار بصبر وعاد إلى الله منيباً إليه تائبا مستغفرا، ورجع إلى ربه : قال تعالى في سورة ص: ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ * قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ ووصفه الله انه سريع الرجوع إلى الله  وأثنى عليه فقال تعالى ﴿ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾.

فالنبي سليمان كان كثير الرجوع الى الله رغم علمه بانه نبي ومآله الجنة فأين نحن من اخلاق هذا النبي العظيم ؟
فالإنسان أحياناً يقول: بالشهر أصلّي صلاة مُتْقنة، من سنتين بكيت مرة، وهناك إنسان يبكي بالأسبوع مرات عديدة، وإنسان يبكي باليوم مرات عديدة، فكلما كثرت إنابتك إلى الله علا مقامك عند الله، وكلما كثر خشوعك في صلاتك ارتقيت مرتبة هذه العبادة، فهذا النبي الكريم سليمان الحكيم لم يغتر بملكه وبالنعم التي آتاه الله بل تضرع لله ورجع اليه بالتوبة والاستغفار لذلك فلنتبع منهج الأنبياء ونقتدي بهم فهم خير قدوة لنا فما من عبد من البشر إلا وله ذنب، فكلنا ذلك المذنب، وكلنا ذلك المقصر، وكلنا ذلك المفرط، ولكن أين التوابون؟! أين الرجاعون؟! أين النادمون الأوابون؟! فلنعلم جميعاً أن لنا ربًا غفورًا رحيمًا يتعرض لعباده بعظيم النفحات وجزيل الأعطيات، ويحب التوابين، أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي موسى الأشعري قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله -عز وجل-، يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها".

 ألا فلنبادر الأنفاس بالتوبة من جميع الأرجاس، ولنستقبل أيامنا بالتوبة العظيمة إلى الملك الديان، اللهم هيئ لنا أسباب التوبة والندامة، واجعلنا فيها من الصادقين.




بيان عبد الحليم قابة


الحكمه

∴ الحكمه

احد أبرز الصفات التي أشتهر بها سليمان هي الحكمة 
وهي : أنها العلم بحقائق األمور أو الاشياء على ما هي عليه، والعمل ب ُمقتضا هذا 
العلم
فالحكمة ليست مجرد معرفة الحق أو الحقيقة، بل تشمل كالً من العلم والعمل بهذا العلم : ألنَّها ِس َمة من سمات األنبياء وال َّصالحين
 وأثرها على النبي سليمان عليه السالم 
رفع الانسان درجات وتشِرفه، وتزيد من مكانته بين النَّاس، فعن مالك بن دينار قال: قرأت في بعض كتب : أن الحكَمة تزيد الشريف شرفًا، ْجِلسه مجالس الملوك .. وهذا يجعله قريبًا من النَّاس، حبيبًا لقلوبهم، وترفع المملوك تحتوى أفئدتهم، يقول فيسمعون، ويأمر فيطيعون؛ ألى انَّهم يدركون أن رأيه اهم راي، ومشورته خير مشورة .
...
وأشهر قصص العهد القديم بشأن حكمته تظهر في قصة والقرآن الجديد وورد ذلك في فشكره يهوه المرآتان المتخاصمتان على رضيع.
حلم سليمان ذات ليلة وتراءى له أنه يحدث على رحمته بأباه داود وأن مكن له في الملك عقب وفاته رغم صغر سنه و أشهر القصص الدالة على حكمته دخلت إمرأتان على سليمان وكانتا متزوجتين من أخوان بيت واحد. نامت إحداهما ليال مع رضيعه وقتلتها خطأ ويبدو أنها نامت عليه دون أن تشعر فأدى ذلك إلى وفاته. فقامت في حين غفلة من المرأة أخرى وأخذت إبنها ووضعت الرضيع الميت مكانه إلى أن الحيلة لم تنطلي على المرأة لمعرفتها بإبنها وقرروا الاحتكام لدى سليمان.
سمع سليمان حجج المرأتين وكلتيهما يدعيان أمومة الطفل فنادى على سياف وأمره بشق الطفل إلى نصفين ليحل الخالف، فأضطربت والدة الطفل الحقيقية وسألت سليمان أن ال يقتله ويعطيه لغريمتها بينما كان رد األخرى جافا ووافقت على شق الطفل لكي اليكون أليهما. حينها علم سليمان أيهم أم الطفل الحقيقية وهي تلك التي آثرت أن تفقد طفلها على .أن تراه يقتل فاستيقظ سليمان واذ هو حلم.وجاء إلى اورشليم ووقف امام تابوت عهد الرب واصعد محرقات وقرب ذبائح سالمة وعمل وليمة لكل عبيده حينئذ اتت امراتان زانيتان إلى الملك ووقفتا بين يديه. فقالت المراة الواحدة استمع يا سيدي.اني انا وهذه المراة ساكنتان في بيت واحد وقد ولدت معها في البيت.

وفي اليوم الثالث بعد والدتي ولدت هذه المراة أيضا وكنا معا ولم يكن معنا غريب في البيت غيرنا نحن كلتينا في البيت. فمات ابن هذه في الليل النها اضطجعت عليه.
فقامت في وسط الليل واخذت ابني من جانبي وامتك نائمة واضجعته في حضنها واضجعت ابنها الميت في حضني. فلما قمت صباحا الرضع ابني اذا هو ميت.ولما تاملت فيه في الصباح اذا هو ليس ابني الذي ولدته.

وكانت المراة الاخرى تقول كلا بل ابني الحي وابنك الميت.وهذه تقول لا بل ابنك الميت وابني الحي.وتكلمتا امام الملك.
فقال الملك هذه تقول هذا ابني الحي وابنك الميت وتلك تقول ال بل ابنك الميت وابني الحي. فقال الملك ايتوني بسيف.فاتوا بسيف بين يدي الملك. فقال الملك اشطروا الولد الحي اثنين واعطوا نصفا للواحدة ونصفا لالخرى. فتكلمت المراة التي ابنها الحي إلى الملك.الن احشاءها اضطرمت على ابنها.وقالت استمع يا سيدي.اعطوها الولد الحي ولا تميتوه.
واما تلك فقالت لا يكون لي ولا لك اشطروه. فاجاب الملك وقال اعطوها الولد الحي ولا تميتوه فانها امه. ولما سمع جميع إسرائيل بالحكم الذي حكم به الملك خافوا الملك لانهم راوا حكمة فيه الجراء الحكم



الطالبه:ريم عسيري

الهمه

 الهمة   


 اصطفى القرآن الكريم من الأحداث التاريخية المهمة في حياة المخلوقات ما يخدم الدعوةَ الإسلامية، ويرسخ عقيدتها، ويرفع الهمم،ويوجِّه المسلمَ توجيهًا صحيحًا، ويفتح للناس طرقًا للعبرة والعظة منها، كما أنه قد تخيَّر من هذه الأحداث ما رآه صالحًا لبناء الصورةالمحقِّقة لهذه الغاية، فالاعتبار بما جرى للسابقين والاستفادة من ذلك، لا يكون إلا من قِبَل أولي الألباب والأبصار، فذكَر الله -عز وجلفيكتابه قصصًا لأصحاب الهمم العالية ومناقبهم؛ لنحذو حذوهم، ونقتدي بهم.

ومن الأمثلة على القصص الدالة على علو الهمة
 ما دار مع نبي الله سليمان -عليه السلامفي مسيرته الدعوية، ولعلنا نقف بعض الوقفاتالتربوية القرآنية من قصته -عليه السلامونطَّلع على تلك المواقف العظيمة التي بينت لنا علو همته وقوة عزيمته.[1]

لقد ذُكر نبي الله سليمان - عليه السلام - في القرآن سبع عشرة مرة، في سبع سور[2]، ولقد جمع الله -تعالىله بين النبوة والمُلك، وأعطاهخيرَي الدنيا والآخرة، وقد أثنى الله تعالىعليه في عدة مواضع في القرآن؛ فقال -تعالى-: ﴿ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَوَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ  [الأنعام: 84].

وأثنى عليه بالعلم والفهم والحكمة؛ فقال﴿ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ  [الأنبياء: 79].

ومما يميز سليمانَ عليه السلام - أنه ابن الملك الكريم داود، وهو أحد الأنبياء الكرام الذين جمعوا ما بين الملك والنبوة، قال -تعالى-: ﴿وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ  [البقرة: 251]؛ فما كان هذا الأمر الذي استحقه من الله - عز وجل - إلالحسن سياسته، وقوة حُنكته، وعلو همته.

قال -تعالى-: ﴿ وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِرَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ * وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ * قَالَ رَبِّاغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ *فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍوَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ  [ص: 30 - 40].

قال -تعالى-: ﴿ وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ  [ص: 30]، منح الذرية الصالحة الماجدة من أعظم هبات الله لعبده.

﴿ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ  [ص: 30]، هذا هو عنوان البيان الآتي في السورة عن سليمان - عليه السلام - وفيه وصفان له:
الوصف الأولوصف يستحق أن يمدح من أجله، وهو تحققه بالعبودية لربه، وهذا يستحق من أجله أن يقول الله بشأنه﴿ نِعْمَ الْعَبْدُ [ص: 30].

وجاء بعد ذلك في عرض مقتطفات من قصة حياته مثالٌ مما استحق به عبارة المدح، وهوعلو همته في إعداد  خيول الجهاد في سبيل الله،ونشر دين الله،واهتمامه بها تدريبًا واستعراضًا لها وحرصًا على اقتنائها، وهذا أمر يستحق المدح المبالغ فيه.

الوصف الثانيبيان أنه أوَّاب؛ أيرجَّاع إلى الله بالاستغفار والتوبة وذكر الله.

كلما شغلته شواغل الملك والسلطان، استرجع وتاب إلى الله - عز وجل - ولم يكتفِ بطلب المغفرة من ربه فقط، بل لم يتنازل عن رغبتهفي ملك وسلطان أوسع مما لديه مع ذلك؛ فأتبع استغفاره بقوله في دعائه لربه﴿ وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ [ص: 35].

هذا هو دأب أصحاب الهمم العالية في مطالبهم التي يسعون إلى تحقيقها [3].

يقول ابن عاشور: "تعليق هذا الظرف بـ:﴿ أَوَّابٌ  تعليق تعليل؛ لأن الظروف يراد منها التعليل كثيرًا؛ لظهور أن ليس المراد أنه أوَّاب فيهذه القصة فقط؛ لأن صيغة﴿ أَوَّابٌ  تقتضي المبالغة، والأصل منها الكثرة؛ فتعين أن ذكر قصة من حوادث أوبته كان لأنها ينجلي فيهاعظم أوبته" [4].

قال -تعالى-: ﴿ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ  [النمل: 16].

اختلف أهل العلم في حقيقة الوراثة التي تتحدث عنها الآية، والذي يترجح من مجموع أقوالهم - وعليه أكثرهم - أنها وراثة الملك والعلموالنبوة، لا وراثة المال، قال القرطبي: "كان لداود -صلى الله عليه وسلمتسعة عشر ولدًا، فورث سليمان من بينهم نبوته وملكه، ولو كانوراثة مال، لكان جميع أولاده فيه سواء"[5].

قال الطبري عن هذه الوراثة: "العلم الذي كان آتاه الله في حياته، والمُلك الذي كان خصه به على سائر قومه، فجعله له بعد أبيه داود دون سائر ولد أبيه" [6].

وقال ابن كثير: "المراد وراثة الشرع والعلم؛ فإن الأنبياء لا يورثون المال" [7].

وقال الألوسي: "أيقام مقامه في النبوة والملك، وصار نبيًّا ملكًا بعد أبيه داود - عليهما السلام - فوراثته أباه مجاز عن قيامه مقامه فيما ذكر بعد موته" [8].

ومن الصور الواضحة التي تحدث عنها القرآن، وتبيِّن علو همة سليمان - عليه السلام - ما يأتي:
أولاًحسن التدبير لشؤون الدولة:
لقد ورث سليمان عن داود - عليهما السلام - خلافة إيمانية، ودولة قوية، ومملكة متكاملة؛ فحافظ عليها، وقوَّاها ووسَّع رقعتها، وضم لها بقاعًا أخرى، وطبَّق فيها شرع الله، وأسعد الناس، وسار بهم في طريق مرضاة الله.

وبلغت المملكة الإسرائيلية في عهد داود ثم سليمان - عليهما السلام - الذروة والأوج والقمة، وبعد وفاة سليمان - عليه السلام - بدأت المملكة تضعف، وابتعد الناس عن مرضاة الله، وساروا في طريق معصيته، وانتهى الأمر بإزالةهذه الدولة بسبب كفر اليهود بالله - تعالى[9].

ومن حسن نظامه وعلو همته وحزمهتفقد الجنود بنفسه، مع أنه قد جعل لهم مديرين؛ فإن قوله﴿ فَهُمْ يُوزَعُونَ  [النمل: 17] دليل على ذلك، حتى إنه تفقد الطير لينظر هل هي لازمة لمراكزها؟[10]

ومما يبيِّن لنا ذلك أخذُه للأمور بحزم، والضرب على أيدي المارقين؛ ليستقيم الأمر وتستوي شؤون الحياة، ويتجلى هذا بتوعد سليمان - عليه السلام - للهدهد حين لم يره بين جماعته من الطير﴿ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْلَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ  [النمل: 21].

قال ابن عاشور: "أكَّد عزمه على عقابه بتأكيد الجملتين (لأعذبنه - لأذبحنهباللام المؤكدة التي تسمى لام القسم، وبنون التوكيد؛ ليعلم الجند ذلك حتى إذا فقد الهدهد ولم يرجع، يكون ذلك التأكيد زاجرًا لباقي الجند عن أن يأتوا بمثلفعلته فينالهم العقاب" [11].

ومما يبين ذلك قولُه - تعالى-: ﴿ وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ  [النمل: 17].

فقوله﴿ يُوزَعُونَ  دليل على أن سليمان - عليه السلام - قد قسَّم المهام والوظائف على جنوده، فكلٌّ له غايته، وكل له وظيفته الموكل بها، ولا شك أن هذا مؤشر على علو همة سليمان - عليه السلام[12].

فهذه الآية إشارة إلى النظام الذي وضعه سليمان - عليه السلام - لحركة الجند، قال الزمخشري في تفسير هذه الآية: "﴿ يُوزَعُونَ حبس أوَّلهم على آخرهم؛ أيتوقف سلاف العسكر حتى تلحقهم التوالي، فيكونوا مجتمعين لايتخلف منهم أحد"[13].

وهذا النظام يحقق للقائد عملية ضبط جنده، ويحقق كذلك التماسك بين مقدمة الجيش ومؤخرته، وبين مَيْمَنته ومَيْسَرته.

قال سيد قطب: "﴿ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ  [النمل: 20] واحدًا بعد الآخر، فإذا كل فرد في مكانه الصحيح، يقوم بواجبه خير قيام، فتفقد الطير ولم يجد الهدهد، فلما تأكد سليمان من فقْده، فلا بد في هذه الحالة من الحزم الذي يقطع دابرالفوضى في مهدها؛ ليستقيم بعد ذلك الأمر، وتستمر الرعية في طاعته، وهنا يرفع سليمان - عليه السلام - عقيدته بعلو همة وحزم﴿ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ  [النمل: 21]"[14].

وتفقُّد الجند من شعائر الملك والأمراء، وهو من واجبات ولاة الأمورتفقد أحوال الرعية، وتفقد العمال ونحوهم بنفسه، ويؤخذ من هذا جواز عقاب الجندي إذا خالف ما عين له من عمل أو تغيب عنه[15]، إن تفقد سليمان - عليهالسلام - لهذا الهدهد سمة من سمات شخصيتهسمة اليقظة والدقة والحزم؛ فهو لم يَغفُل عن غَيبة جندي من هذا الحشد الضخم من الجن والإنس والطير، ويعلم الجميع من سؤال سليمان - عليه السلام - عن الهدهد أنه غائب بغيرإذن، وحينئذٍ يتعيَّن أن يأخذ الأمر بالحزم؛ كي لا تكون الأمور فوضى، ومن ثم نجد سليمان الملك الحازم يتهدَّد الجندي[16].

وأكد عزمه على عقابه بتأكيد الجملتين: "لأعذبنَّه، ولأذبحنَّهباللام المؤكدة، التي تسمى لام القسم، وبنون التوكيد؛ ليعلم الجند ذلك حتى إذا فقد الهدهد ولم يرجع؛ يكون ذلك التأكيد زاجرًا لباقي الجند عن أن يأتوا بمثل فعلته، فينالهمالعقاب[17] هذه الفقرة مكررة.

ثانيًا: علو همته - عليه السلام - في الثبات على المبدأ:
قال -تعالى-: ﴿ فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ * ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ  [النمل: 36، 37].

تبيِّن لنا هذه الآية علو همته في ثباته على عقيدته ومبدئه، وتصور هذه الآيات مدى القوة التي كان يتمتع بها ذلك الملك النبي - عليه السلام - حيث تزداد الغيرة عنده على دين الله الذي يراد له أن يباع ويشترى بعرَض من الحياةالدنيا، وهو ليس من الملوك الذين تغريهم الهدية، أو يثنيهم عن طلب المعالي مدح أو إطراء؛ لذا نراه - عليه السلام - عالي الهمة في رده لهذا الأمر؛ لأن مطلبه - عليه السلام - تحقيق الإيمان والدعوة إلى الحق.

قال السعدي: "﴿ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ  [النمل: 36]؛ أيفليست تقع عندي موقعًا ولا أفرح بها، قد أغناني الله عنها، وأكثر عليَّ النعم، ﴿ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ  لحبِّكم للدنيا، وقلة ما بأيديكم بالنسبة لما أعطاني الله"[18].

ثالثًاعلو همته في طلب رضا ربه - عز وجل -:
وتكمن علو همته في هذا الأمر في قوله -تعالى-: ﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾ [النمل: 19]؛ ففي هذه الآية طلب سليمان - عليهالسلام - من ربه ثلاثة أمور:
الأولأن يلهمه الله -تعالىويوفقه لشكر النعم التي أنعم الله بها عليه، وعلى والديه.

الثانيأن يوفِّقه لكل عمل صالح يحبه الله ويرضاه.

الثالثأن يُدخِله الجنة مع عباده الصالحين.

فانظر إلى هذه المطالب العالية، والأهداف السامية، التي تدل بكل وضوح على علو همته وقوة عزيمته.

قال الرازي في تفسير هذه الآية: "حقيقة ﴿ أَوْزِعْنِي اجعلني أزع شكر نعمتك عندي، وأكفه عن أن ينقلب عني؛ حتى أكون شاكرًا لك أبدًا، وهذا يدل على مذهبنا؛ فإن عند المعتزلة كل ما أمكن فعله من الألطاف، فقد صارتمفعولة، وطلب تحصيل الحاصل عبث.

وأما قوله -تعالى-: ﴿ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ ﴾؛ فذلك لأنه عدَّ نعم الله -تعالىعلى والديه نعمة عليه.

ومعنى قوله﴿ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ  طلب الإعانة في الشكر وفي العمل الصالح.

ثم قال﴿ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ  [النمل: 19]، فلما طلب في الدنيا الإعانة على الخيرات، طلب أن يجعل في الآخرة من الصالحين.

وقوله﴿ بِرَحْمَتِكَ  [النمل: 19]: يدل على أن دخول الجنة برحمته وفضله، لا باستحقاق من جانب العبد.

واعلم أن سليمان - عليه السلام - طلب ما يكون وسيلة إلى ثواب الآخرة أولاً، ثم طلب ثواب الآخرة ثانيًا" [19].

ويقول سيد قطب: "بهذا النداء القريب المباشر المتصل ﴿ أَوْزِعْنِي  اجمعني كلي، اجمع جوارحي ومشاعري، ولساني وجناني، وخواطري وخلجاتي، وكلماتي وعباراتي، وأعمالي وتوجهاتي.

اجمعني كلي، اجمع طاقاتي كلها، أولها على آخرها، وآخرها على أولها، وهو المدلول اللغوي لكلمة ﴿ أَوْزِعْنِي ﴾؛ لتكون كلها في شكر نعمتك عليَّ وعلى والديَّ.

وهذا التعبير يشي بنعمة الله التي مست قلب سليمان - عليه السلام - في تلك اللحظة، ويصور نوع تأثره، وقوة توجهه، وارتعاشة وجدانه، وهو يستشعر فضل الله الجزيل، ويتمثل يد الله عليه وعلى والديه، ويحس مس النعمةوالرحمة في ارتياع وابتهال.



المرجع:الهمه في ضوء القران الكريم
اسم الطالبه:رهف دخيل السلمي